مقالات الرأي
أخر الأخبار

العقوبات الأمريكية: حبر على ورق – بريق العابرين – ✍️ رائد دكتور – هشام الشيخ العوض

منذ عقود طويلة، انتهجت الولايات المتحدة سياسة “العصا والجزرة” في تعاملها مع السودان، متبعة نهجًا ثابتًا لا يفرق بين الحكام أو الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد. ومن يظن أن واشنطن تدعم حزبًا بعينه أو تفضل نظامًا على آخر، فهو في الحقيقة مخطئ. فتاريخ السودان الحديث، بمراحله المختلفة، يكشف بوضوح أن السياسة الأمريكية تجاه السودان ظلت ثابتة دون تغيير يُذكر، بغض النظر عن هوية الحاكم، سواء كان يمينيًا، يساريًا، أو حتى من أحزاب الوسط.

 

الولايات المتحدة تنظر إلى السودان كعدو استراتيجي ومهدد دائم لأمنها القومي ومصالحها الإقليمية. ولهذا، فهي تعمل بلا هوادة على تمزيقه وإضعافه، سواء من خلال التدخل المباشر أو عبر وكلاء إقليميين معروفين، أو من خلال أحزاب سودانية وأفراد متواطئين. كما أنها تستخدم وسائل أخرى مثل الحرب الاقتصادية والعقوبات الدبلوماسية لإضعاف الدولة وإحداث شروخ في بنيتها الاجتماعية والسياسية.

 

العقوبات الأمريكية الأخيرة التي فرضتها على رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. فالهدف الحقيقي لهذه العقوبات ليس شخص البرهان نفسه، وإنما السودان كدولة وشعب. هذه الخطوة ليست سوى محاولة مكشوفة لضرب ثقة الشعب السوداني بقيادته المتمثلة في البرهان، ومحاولة زرع الفتنة بين القائد وشعبه. ولكن، كما أظهرت الأحداث، فإن هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع. الشعب السوداني أثبت، عبر مواقفه الواضحة، أن هذه العقوبات لا تمثل سوى حبر على ورق، ولا قيمة لها في تغيير مسار الأحداث.

 

عندما أدركت واشنطن أن القوات المسلحة السودانية تقترب من تحقيق انتصار حاسم على مليشيا الدعم السريع الإرهابية، سارعت إلى فرض عقوبات جديدة على القائد العام للقوات المسلحة. كان الهدف من ذلك واضحًا: الضغط على البرهان لدفعه إلى التراجع أو القبول بالتفاوض بشروط مجحفة. لكنها أغفلت حقيقة أساسية، وهي أن الشعب السوداني يزداد التفافًا حول قيادته في كل مرة تُفرض فيها عقوبات أو تُمارس ضغوط. المظاهرات الشعبية التي اجتاحت الشوارع للتنديد بالعقوبات الأمريكية، أكدت رسالة واضحة للعالم أجمع: “لا تفاوض ولا تراجع حتى القضاء على آخر متمرد ومرتزق”.

 

إن الشعب السوداني ينظر إلى قائده كواحد من عامة الناس، شخص لا يمتلك حسابات مصرفية في أمريكا، ولا يملك شركات أو مصانع تخضع لتلك العقوبات. البرهان ليس رجل أعمال، بل هو قائد وطني نابع من عمق هذا الشعب، حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الوطن وحمايته من التحديات الداخلية والخارجية. عزيمته لا تلين، ولن يهدأ له بال حتى يرى السودان خاليًا من المليشيات والخونة والمرتزقة.

 

العقوبات الأخيرة ليست مجرد استهداف لشخص البرهان، بل هي في حقيقتها عقوبات موجهة إلى كل سوداني وطني غيور على وطنه. لكنها، رغم ذلك، لم تنل من عزيمة الشعب، بل زادته إصرارًا على المقاومة والنضال حتى تحقيق النصر الكامل. الشعب أعلن موقفه بوضوح: لن يستكين، ولن يتوقف حتى يُطهر البلاد من كل المليشيات والقوى العميلة، ويُعيد بناء وطنه بسواعد سودانية مخلصة لا تعرف الخيانة أو الارتزاق.

 

إن المستقبل للسودان وأبنائه المخلصين، وغدًا لناظره قريب. الشعب السوداني، بعزيمته ووحدته، هو من سيكتب الكلمة الأخيرة في هذه المواجهة، وسيثبت للعالم أن قوة الإرادة الوطنية قادرة على تجاوز كل التحديات والمؤامرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام